تقنية

الوثائقي الإماراتي «ويبقى الأمل» يعيد تعريف التضامن بين الشعوب في مهرجان الجونة (خاص)


استضاف مهرجان الجونة السينمائي، الثلاثاء، العرض الخاص للفيلم الوثائقي الإماراتي “ويبقى الأمل”، من إنتاج مجلس الشؤون الإنسانية الدولية في دولة الإمارات، وذلك في قاعة “سيني جونة سيتا”.

يوثّق الفيلم المشهد الإنساني في قطاع غزة خلال العامين الماضيين، من خلال مجموعة من القصص الواقعية التي تُبرز معاناة السكان تحت وطأة الأوضاع الصعبة.

كما يرصد جهود دولة الإمارات في التخفيف من تلك المعاناة عبر مبادراتها الإنسانية التي تجسّد شعارها الدائم “الإنسان أولاً”.

وعقب العرض، أُقيم حوار مفتوح بعنوان “السينما كجسر للإنسانية”، شارك فيه عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم، الدكتور حمدان مسلم المزروعي، رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، السفير حمد عبيد الزعابي، سفير دولة الإمارات لدى جمهورية مصر العربية، الفنانة يسرا، عضو المجلس الاستشاري الدولي لمهرجان الجونة، الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

الإمارات المانح الأكبر في أزمة غزة

حوار مفتوح بعنوان


من جانبه قال الدكتور حمدان مسلم المزروعي، رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي: “أود أن أؤكد أن دولة الإمارات كانت في أزمة غزة، أكبر الدول المانحة، إذ قدّمت أكثر من 43% من المساعدات الإنسانية العالمية. ونحن نفخر بهذا الدور الذي تحقق بتعاون وثيق مع المسؤولين في جمهورية مصر العربية، والذين أكنّ لهم كل التقدير والاعتزاز”.

وأضاف: “على الرغم من الألم والدموع التي احتبست في عينيّ عند مشاهدة بعض المشاهد المؤثرة في هذا الفيلم، فإنني أشعر بالفخر لانتمائي إلى هذه الدولة التي يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والذي يتابع أدق التفاصيل بنفسه، إلى جانب اهتمام جميع المسؤولين والعاملين والمتطوعين الذين أسهموا في الوصول إلى هذه النتائج الإنسانية المشرفة”.

قصة الطفلة شام

حوار مفتوح بعنوان


وتابع المزروعي: “تجربتي في العمل الإنساني عبر هيئة الهلال الأحمر تمتد لأكثر من عشرين عاماً، وقد عايشت قصصاً كثيرة، لكن هناك قصة مؤثرة جداً أذكرها على وجه التحديد، وهي قصة الطفلة شام التي وقعت أثناء زلزال تركيا وسوريا قبل عامين”.

“مكثت شام تحت الأنقاض ما بين 16 إلى 18 ساعة، وتحولت قصتها إلى ترند عالمي، حيث تابعتها وسائل الإعلام حول العالم. وبعد جهود حثيثة تمكنت فرق الإنقاذ من الوصول إليها وتزويدها بالأوكسجين والغذاء، بينما كنا نحن في الجانب الإنساني نفكر بكيفية المساعدة ونقلها للعلاج”.

“حينها جاءت توجيهات كريمة من الشيخة فاطمة بنت مبارك، “أم الإمارات” رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، بإرسال فريق طبي لإجلاء شام وعائلتها مع مجموعة من المصابين الآخرين من سوريا. وصلت شام إلى دولة الإمارات، وكنت متشوقاً جداً لرؤيتها، ولما التقيتها وجدت فيها طاقة إيجابية مذهلة رغم معاناتها”.

حوار مفتوح بعنوان

“للأسف، كانت إصاباتها بالغة واضطر الأطباء إلى بتر ساقيها وساقَي شقيقها، لكنها بقيت في دولة الإمارات لعامين كاملين حتى تعافت تماماً، وتم تركيب أطراف صناعية لها، وغادرت البلاد قبل نحو شهر. كانت قصة إنسانية عشناها منذ بدايتها حتى نهايتها، ولا تزال مؤثرة جداً في وجداني.”

وأضاف: “الهدف الأسمى من العمل الإنساني هو مساعدة المحتاج، سواء عبر إيصال صوته أو نقل صورته إلى العالم. واليوم، في عصر الصورة، أصبحت الشاشة وسيلة بالغة التأثير”.

ومضى قائلاً: “في الماضي كنا نعتمد على الأخبار المكتوبة والشفوية، أما الآن فالجيل الجديد يتأثر بما يراه على الشاشة. حين تصلنا صورة مباشرة من موقع المعاناة، فإن وقعها على النفس مختلف تماماً. ولهذا أرى أن الفيلم الذي شاهدناه اليوم يقدم نموذجاً راقياً لتوثيق الحقيقة الإنسانية بالصورة والصوت”.

حوار مفتوح بعنوان

وتابع قائلاً: “يسعدني أن أعبّر عن امتناني العميق لجمهورية مصر العربية، قيادةً وشعباً، على ما أبدوه من تعاون كبير مع جهود دولة الإمارات الإنسانية. فمنذ لحظة وصولنا إلى هذه الأرض الطيبة، لم نشعر بالغربة، بل شعرنا أننا بين أهلنا. لذا، أتوجه بالشكر الجزيل من القلب لكل مصري، بدءاً من الرئيس عبد الفتاح السيسي، حفظه الله، وصولاً إلى كل مواطن في هذا البلد العزيز.”

قصة كنيسة المهد في بيت لحم

واستعرض الدكتور المزروعي قصة أخرى تجسد قيم التسامح الإماراتي، قائلاً: “في عام 2002، وأثناء اشتباك بين مجموعة من الشبان الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، احتمى الشباب داخل كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، وهي المكان الذي ولد فيه سيدنا عيسى عليه السلام. قامت القوات الإسرائيلية بقصف الكنيسة، وكان ذلك في وقتٍ كانت فيه صورة المسلمين مشوّهة عالمياً بعد أحداث 11 سبتمبر”.

“حينها، أمر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بإعادة ترميم الكنيسة، ليجسد بذلك روح التسامح والتعايش التي غرسها في أبناء الإمارات. لقد أراد الشيخ زايد أن يمدّ جسور المحبة مع الآخرين، وأن يضرب مثالاً على أن الإنسانية فوق الاختلافات الدينية أو العرقية”.

حوار مفتوح بعنوان

“كنت حينها في بدايات عملي في الهلال الأحمر، وشعرت بحماس كبير للمشاركة. وبعد ستة أشهر من صدور التوجيه، سافرت مع وفد لزيارة فلسطين، وهناك علمت أننا سنزور كنيسة المهد. وعندما دخلت الكنيسة، تذكّرت العهدة العمرية التي منحها الخليفة عمر بن الخطاب لأهل بيت لحم قبل أكثر من 1400 عام”.

“حدّثني القائمون على الكنيسة وقالوا إنهم تلقوا دعماً من جهات عدة، لكنهم اختاروا الشيخ زايد لأنه قائد عربي مسلم يتمتع بالأصالة والإنسانية، وأرادوا أن يربطوا الكنيسة باسمه تجديداً للعهد التاريخي”.

“أثناء جولتنا داخل الكنيسة، وصلنا إلى المكان الذي وُلد فيه عيسى عليه السلام، وهو موقع صغير بحجم طاولة تقريباً. وعندما أخبرني أحد المسؤولين بذلك، شعرت بقشعريرة تسري في جسدي، فالمكان يحمل قدسية لا توصف. لقد أدركت حينها أن العمل الإنساني يمدّ الجسور بين البشر ويُزيل الفوارق بينهم، وهذا ما تؤمن به دولة الإمارات، التي لا تميز في مساعداتها بين لون أو دين أو جنسية”.

نموذج فريد في التعاون العربي

حوار مفتوح بعنوان

وأكد السفير حمد عبيد الزعابي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية مصر العربية، أن العلاقات بين البلدين تمثل نموذجاً فريداً في التعاون العربي الثنائي، مشيراً إلى أن هذا التعاون انعكس بوضوح في الجهود المشتركة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى أهالي قطاع غزة، ولا سيما من خلال نموذج مدينة العريش الذي أثبت نجاحه في دعم العمل الإنساني العربي المشترك.

وقال السفير الزعابي في كلمته: “يسعدني ويشرفني أن أكون اليوم بينكم في هذا المهرجان السينمائي الجميل، وفي هذه المدينة الرائعة التي تحتضن قامات فنية وإنسانية نعتز بها جميعاً. أشكر القائمين على المهرجان على الدعوة الكريمة، ويسرّني أن أكون بين عمالقة الفن المصري والعربي الذين شكّلوا قدوة لأجيال كثيرة في مصر والعالم العربي”.

وأضاف: “إن ما يميز هذا اللقاء أنه يجمع بين الفن والعمل الإنساني والدبلوماسية، وهي منظومة من القيم النبيلة التي تربينا عليها في أوطاننا العربية. فبين الفرح والألم يولد الأمل، ودائماً هناك نور في نهاية النفق المظلم، مهما كانت التحديات”.

حوار مفتوح بعنوان

وتابع السفير الزعابي قائلاً: “ما شاهدناه اليوم عن غزة يذكّرنا بأهمية العمل الدبلوماسي في دعم القضايا الإنسانية، ويؤكد أن العلاقات بين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة تُجسّد أسمى صور التعاون الإنساني. فبفضل التنسيق والتواصل المستمر بين البلدين، تحققت إنجازات ملموسة في دعم الشعب الفلسطيني وإيصال المساعدات إليه”.

وشدد السفير على أن السينما والفن يحملان رسالة إنسانية عميقة، موضحاً: “الفنانون، سواء كانوا ممثلين أو مغنين أو شعراء، تقع على عاتقهم مسؤولية وأمانة في توعية المجتمعات وإيصال الرسائل الإنسانية النبيلة. فالسينما قادرة على أن تكون منبراً للأمل والتسامح وإحياء الضمير الإنساني”.

واختتم السفير الزعابي كلمته بالتعبير عن تطلعه إلى مزيد من الأعمال الفنية التي تُنمي الوعي الإنساني، قائلاً: “نتمنى أن نرى المزيد من هذه الأعمال الراقية التي تُذكّرنا بأن حول العالم أناساً ينتظرون حياة كريمة وأملاً جديداً، فالفن الحقيقي هو الذي يكرّس رسالة الإنسانية ويُعبّر عن جوهرها”.

حسين فهمي يوجه الشكر للشيخ محمد بن زايد آل نهيان

حوار مفتوح بعنوان


بدوره، قال الفنان حسين فهمي: “أتوجه بالشكر إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي تربطني به معرفة شخصية منذ انطلاق الأولمبياد الخاص (Special Olympics) في أبوظبي قبل عدة سنوات، وهي تجربة إنسانية مميزة أعتز بها بصفتي سفيراً عالمياً للأولمبياد الخاص”.

وأضاف: “أشكر كل من ساهم في إنتاج هذا العمل السينمائي الذي شاهدناه قبل بدء الجلسة، فهو عمل متميز ومؤثر للغاية، وأثمّن جهود دولة الإمارات في دعم الشعب الفلسطيني، ونحن في مصر نشارككم هذه المشاعر والدعم الإنساني”.

يسرا: الإمارات دولة عزيزة على قلوبنا

حوار مفتوح بعنوان

وقالت الفنانة يسرا: “نحن فخورون بوجودكم معنا، ونرحب بكم في بلدكم الثاني مصر. إن دولة الإمارات دولة عزيزة على قلوبنا جميعاً، ونشكرها على دعمها الكبير لفلسطين، وعلى ما تبديه من ودّ دائم لمصر”.

وأضافت: “الصورة، كما قيل، قادرة على إيقاظ المشاعر. فوسط زحمة الحياة قد ننسى إنسانيتنا قليلاً، لكن السينما تعيد إلينا الإحساس الحقيقي. إنها لا تغيّر القوانين، لكنها قادرة على تغيير الإنسان نفسه. إن مشاهد المعاناة التي رأيناها في الفيلم، لا سيما مأساة الأطفال الفلسطينيين، تهزّ القلب. كيف يمكن لإنسان أن يرى هذا الألم ولا يتحرك؟ نحن بحاجة إلى مزيد من الأفلام الإنسانية كهذا الفيلم، لأنها توقظ فينا الإحساس بالمسؤولية وتدفعنا لفعل الخير”.

وتابعت: “السينما هي المرآة الكبرى للمجتمع، تُظهر كل ما فيه من حزن وفرح، وجمال وقبح، وإنسانية ووحشية. لقد بكيت أنا والفنان حسين فهمي أثناء مشاهدة الفيلم، لأن ما يجري في فلسطين لا يمكن تصديقه من شدة القسوة، وفي المقابل لا يُصدق صبر هذا الشعب وأمله المتجدد”.

حوار مفتوح بعنوان

وختمت النجمة يسرا حديثها قائلة: “بعد أكثر من سبعين عاماً من المعاناة، ما زال الشعب الفلسطيني صامداً، يبتسم رغم الألم، ويعيش بالأمل. واليوم نرى وعياً متزايداً في العالم تجاه ضرورة وقف المآسي ودعم القضايا الإنسانية، وهو ما تحقق بجهود القادة العرب”.

ويقدم الفيلم لقطات ومشاهد تعرض لأول مرة من داخل غزة، تعكس واقع الأطفال والنساء وكبار السن خلال فترات الحرب، وما تلاها من جهود إغاثية ومبادرات للعلاج والإجلاء الطبي، إلى جانب الرعاية التي حظي بها المتضررون في مدينة الإمارات الإنسانية.

حوار مفتوح بعنوان

ويشهد العرض حضورا واسعا من نجوم الفن والإعلام وصناع السينما من مختلف الدول العربية والأجنبية، في حدث يرسخ التوجه الإنساني لمهرجان الجونة الذي يقام هذا العام تحت شعار “السينما من أجل الإنسانية”، ويؤكد قدرة الفن على تسليط الضوء على قصص الأمل وسط الأزمات، وتحويل المعاناة إلى طاقة للتغيير والتعافي.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى