تقنية

سيناريو عودة أمريكا إلى أفغانستان.. «باغرام» تحيي المخاوف


إذا نجحت أمريكا في استعادة قاعدة «باغرام» الجوية في أفغانستان فستتمتع بمزايا هائلة، لكن خصومها سيواجهون تداعيات جيوسياسية.

وبحسب موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي، أثار إعلان الرئيس دونالد ترامب عن رغبته في إعادة القاعدة إلى السيطرة الأمريكية الجدل حول دور واشنطن في جنوب آسيا ووسطها.

وأصبحت “باغرام” رمزا لـ20 عاماً من الحرب في أفغانستان قبل أن يتخلى عنها الجيش الأمريكي في يوليو/تموز 2021 خلال انسحاب فوضوي سمح لطالبان بالعودة إلى السلطة في الشهر التالي.

وتفسر جغرافية “باغرام” أهميتها حيث تقع القاعدة على بُعد حوالي 1000 ميل من طهران، وعلى بُعد 400 ميل فقط من مقاطعة شينجيانغ الصينية، وعلى بُعد أقل من 800 ميل من ميناء جوادر الباكستاني، وهو محور حيوي في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

ويتيح موقعها في قلب آسيا لواشنطن رؤية مباشرة لثلاثة مسارح حيوية هي شرق إيران، وغرب الصين، ومجال النفوذ الروسي في آسيا الوسطى، وذلك وفق الموقع الذي قدم رؤية لرد الفعل المحتمل لهذه الدول على سيناريو استعادة الولايات المتحدة لباغرام.

إيران

يُعدّ احتمال عودة القوات الأمريكية إلى باغرام مُقلقًا للغاية لإيران التي ركّزت دائما على دفاعاتها الغربية تاركةً حدودها الشرقية مكشوفةً نسبيًا.

وقبل عام 2021، كانت طهران تنظر إلى المهمة الأمريكية في باغرام على أنها تُركّز في المقام الأول على مكافحة الإرهاب وبناء الدولة في أفغانستان، بدلًا من كونها منصةً للمواجهة المُباشرة مع إيران.

لكن اليوم، سيأتي الوجود الأمريكي في مناخ جيوسياسي مُختلف تمامًا يتميز بالتوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران وبتعاون أمريكي إسرائيلي أوثق بكثير.

ومع استعادة باغرام، يُمكن لطائرات المُراقبة والمسيرات الأمريكية تتبّع انتشار الحرس الثوري بسهولة، ومراقبة مواقع الصواريخ بالقرب من الحدود الأفغانية، وهو ما سيجبر طهران على توسيع دفاعاتها وإعادة التفكير جديًا في كيفية تخصيص الموارد العسكرية.

وفي حال تصاعد التوترات، ستوفر القاعدة لواشنطن منصة آمنة لجمع المعلومات الاستخبارية، وللعمليات الخاصة، وقد لا تُشكل باغرام نقطة انطلاق رئيسية للهجوم، لكن الوجود الأمريكي سيعقد التخطيط الإيراني.

كما تُهدد القاعدة علاقة إيران الحساسة مع طالبان فمنذ عام 2021، بنت إيران علاقات براغماتية مع حكام أفغانستان، حيث زودتهم بالوقود، وسعت إلى كسب النفوذ في غرب أفغانستان كحاجز في مواجهة الجماعات السنية.

الصين

تنظر بكين إلى أفغانستان وباكستان على أنهما محوريان لمبادرة الحزام والطريق، وخاصة من خلال الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي يربط شينجيانغ ببحر العرب.

وفي أغسطس/آب 2025، عقدت الصين وطالبان محادثات تهدف إلى تعميق التعاون في عمليات التعدين والانضمام رسميًا إلى مبادرة الحزام والطريق .

ومن قاعدة باغرام، يمكن للقوات الأمريكية تتبع العمليات الأمنية الصينية في شينجيانغ، ومتابعة بناء البنية التحتية الجديدة، ومراقبة ميناء جوادر وشبكات الطرق والسكك الحديدية المحيطة به وهو ما سيجبر الصين على إنفاق المزيد لتأمين مصالحها.

ومع تزايد اعتماد إيران على الصين تحت وطأة العقوبات والعزلة السياسية، سيسمح وجود باغرام لواشنطن بمراقبة هذه العلاقة وعرقلتها، إذا لزم الأمر.

روسيا

هذا الصيف، اعترفت روسيا رسميًا بحكومة طالبان، وذلك بعدما رفعت الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة، وهو ما يمنح موسكو نفوذًا هائلًا على كابول.

ويمتد نفوذ روسيا إلى ما هو أبعد من الدبلوماسية، حيث تعتمد أفغانستان بشكل كبير على طرق التجارة الشمالية وإمدادات الوقود التي تمر عبر روسيا أو الدول الحليفة لها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

ويمكن لموسكو استغلال هذه الخطوط الحيوية لممارسة الضغط الاقتصادي.

وفي حين تعتبر روسيا تنظيم داعش في ولاية خراسان أحد أخطر التهديدات لآسيا الوسطى ومناطقها الجنوبية، إلا أنها لا تزال قادرة على الاستفادة من حالة عدم الاستقرار التي يخلقها خاصةً إذا عاد الجيش الأمريكي إلى باغرام.

وإذا عادت واشنطن إلى باغرام، فمن المرجح أن تردّ موسكو على مراحل، فستسعى إلى حشد الصين وإيران، وقد تحاول التأثير على باكستان وستعتمد على حلفائها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، مثل طاجيكستان.

كما ستحاول التأثير على جيرانها غير الأعضاء، مثل أوزبكستان، للحد من التحليق الجوي الأمريكي ووصول الإمدادات اللوجستية.

وإذا بدأت إعادة بناء القاعدة، فقد تشجع روسيا بهدوء فصائل طالبان المعارضة للتعاون الأمريكي، وفي الوقت نفسه، ستعزز موسكو وضعها العسكري، وتُحدّث قاعدتها رقم 201 في طاجيكستان، وتُجري تدريبات واسعة النطاق لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي بالقرب من الحدود الأفغانية.

الهند

سيكون رد فعل الهند حذرًا، فبينما تخشى النفوذ الباكستاني والصيني، إلا أنها أيضًا في نزاع تجاري مع واشنطن بشأن الرسوم الجمركية.

وفي العلن، من غير المرجح أن تؤيد نيودلهي الخطوة الأمريكية، لكن في السر، قد تتبادل المعلومات الاستخباراتية وترحب بأي شيء يحد من نفوذ بكين.

وفي الوقت نفسه ستحاول التحوط، والحفاظ على قنوات اتصال مع كل من واشنطن وبكين.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى