الإدمان الرقمي.. كيف غرق الجيل الجديد في شاشات الهواتف؟

في وقت تتراجع فيه نسب تعاطي المواد المخدرة والكحول بين المراهقين حول العالم، يكشف مختصون أنه في الوقت الذي يبتعد الشباب فيه عن الإدمان التقليدي، تظهر أمامهم بوابة جديدة لا تقل خطورة: الإدمان الرقمي.
تشير بيانات بحثية حديثة إلى هبوط واضح في نسب استهلاك الكحول والسجائر بين شباب جيل “زد”. ففي دول مثل أستراليا، أصبح المراهقون أكثر رفضاً للكحول مقارنة بمن سبقهم، مع تكرار نتائج مشابهة في دول صناعية أخرى، حيث تراجعت رغبة الشباب في تجريب السجائر أو المواد المخدرة كما كان يحدث قبل عقدين.
لكن الصورة ليست مشرقة بالكامل، فخبراء علم النفس يرون في هذا التغير انتقالاً لنمط مختلف من التمرد. فبعد أن كان بعض الشباب في السابق يميلون للهروب من الفصول الدراسية أو حضور الحفلات، بات كثير منهم اليوم يجد متنفسه عبر الهواتف الذكية، غارقاً في محتوى مرئي سريع ومتغير على منصات مثل “تيك توك”، “يوتيوب” و“سناب شات”.
وتوضح الدراسات أن نسبة كبيرة من المراهقين بين 15 و16 عاماً تتواجد على شبكات التواصل لفترات تتجاوز ثلاث ساعات يومياً، بينما يكاد ينعدم عدد من يبتعدون عنها كلياً. هذا الوجود المكثف في العالم الرقمي يفتح مجالاً لسلوكيات مقلقة، من مشاركة صور غير لائقة، إلى الانخراط في مشادات إلكترونية، أو الانضمام إلى مجموعات افتراضية ذات تأثير ضار.
كما يشير مختصون إلى أن الدماغ في مرحلة المراهقة ما يزال في طور الاكتمال، ما يجعل التعلق المفرط بالمنصات الاجتماعية والتصفح المستمر سلوكاً قابلاً للتحول إلى حالة إدمان. ويظهر ذلك عبر شيوع اضطرابات المزاج، وزيادة الشعور بالوحدة، وارتفاع مؤشرات القلق والاكتئاب مقارنة بجيل الألفية في العمر نفسه.
ومع تراجع اللقاءات الحقيقية بين الأصدقاء، وتزايد الوقت المنقضي أمام الشاشات، يحذر الأطباء من خسارة الشباب فرصاً مهمة لبناء الشخصية، مثل التفاعل الاجتماعي المباشر، واكتساب مهارات الحياة اليومية، والاعتماد على الذات في المواقف الحياتية المتنوعة.
وينصح المتخصصون الأسرة بمتابعة الاهتمامات الرقمية للأبناء دون صدام، وتشجيعهم على أنشطة واقعية رياضية واجتماعية، مع وضع ضوابط زمنية لاستخدام الأجهزة، بما يحافظ على توازن صحي بين العالمين الافتراضي والواقعي.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز



