لقاء غوبالاند.. تحركات رئاسية لاحتواء المعارضة وتهدئة التوترات بالصومال

لقاء مفصلي مرتقب في مدينة كيسمايو، الخميس، بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس ولاية غوبالاند أحمد مدوبي، في محاولة لاحتواء المعارضة وتهدئة التوترات الفيدرالية المتصاعدة.
وتأتي هذه المحادثات وسط تعزيز أمني غير مسبوق، فيما يراقب الشارع الصومالي والمجتمع الدولي نتائج الاجتماع، الذي يشكّل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومة المركزية والإدارة الإقليمية على التوصل إلى تفاهمات استراتيجية لضمان الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
ونقلت وسائل إعلامية صومالية محلية عن مصادر مطلعة وصول قوات من الحرس الرئاسي الصومالي وبعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الصومال استعدادا للزيارة المرتقبة للرئيس حسن شيخ محمود إلى مدينة كيسمايو بغوبالاند.
وأكدت المصادر ذاتها أن القوات المكلفة بتأمين المدينة ستنشر قبيل وصول الرئيس حسن شيخ محمود، الذي من المتوقع أن يلتقي رئيس ولاية غوبالاند ،أحمد مدوبي في محادثات رفيعة المستوى تهدف إلى إعادة ترتيب العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والإدارة الإقليمية لغوبالاند.
وأوضحت أن هذه التحركات تأتي في سياق توترات مستمرة بين الحكومة المركزية وإدارة غوبالاند، على خلفية القضايا الفيدرالية، والموارد، والحكم الذاتي للولايات والانتخابات.
وشكلت الانتخابات التي أعادت أحمد مدوبي لولاية ثالثة في انتخابات جرت نوفمبر/تشرين الثاني 2024 رغم رفض مقديشو، إضافة إلى التعديلات الدستورية والتحول من النظام البرلماني إلى الرئاسي دون مشاورات واسعة مع الولايات الفيدرالية، أبرز مصادر الخلاف بين الطرفين.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارة قد تمثل نقطة تحول في العلاقة بين المركز والولايات، وتفتح الطريق أمام تفاهمات استراتيجية تهدف إلى تهدئة التوترات وتطوير آليات تعاون جديدة، بما يخدم الاستقرار السياسي والأمني في الصومال.
لقاء محوري
ويرى الباحث والمحلل السياسي بالقرن الأفريقي محمد الهادي أن لقاء الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مع رئيس ولاية غوبالاند يمثل خطوة استراتيجية محورية لإعادة ترتيب أولويات العلاقات بين الحكومة المركزية وغوبالاند.
وقال الهادي، في حديث للعين الإخبارية، إن هذا اللقاء يمثل فرصة للرئيس حسن شيخ محمود لتأكيد تصريحاته عمليا بالانفتاح على الحوار مع معارضيه وفتح مسارات حوار سياسي مع الولايات التي تعارضه.
قبل أن يستدرك: “وعلى الرغم من أن هذه الخطوة هي تحول كبير لكنها ستمثل اختبارا حقيقيا لمدى استعداد حسن شيخ محمود ومدوبي للتوصل إلى توافقات ملموسة بعد سنوات من الخلاف العميق”.
ويتوقع الهادي أن تخفف هذه الخطوة حدة التوترات بين الحكومة الفيدرالية وغوبالاند ما يهيئ أجواء أفضل كذلك لاتخاذ هذا المسلك في فتح حوار مع بونتلاند وتمهيد الطريق لحوارات أوسع مع المعارضة السياسية التي يمثلها منتدى إنقاذ الصومال بهدف الوصول إلى تفاهمات وإجماع حول القضايا الراهنة التي هي محل خلاف.
وساطة دولية
وكانت مصادر مطلعة في مقديشو قد كشفت الأربعاء عن تحركات للمجتمع الدولي لتقليص الفجوة السياسية المتزايدة بين الحكومة الفيدرالية وقوى المعارضة.
ويقود هذا الجهد سفراء الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة في مقديشو، وفق مصادر إعلامية صومالية.
وبحسب هذه المصادر فقد كثف السفراء وساطاتهم غير الرسمية لتهيئة مناخ ملائم لحوار شامل، بين القوى الصومالية المعارضة والحكومة.
غير أن مراقبين يرون أن نجاح هذه الجهود سيتوقف على قدرة الأطراف على تقديم تنازلات متبادلة، بما يحول دون انزلاق البلاد إلى مزيد من الاستقطاب الذي يهدد بتقويض التقدم الأمني والديمقراطي.
وتصاعدت حدة الخلافات بين الرئيس حسن شيخ محمود والمعارضة الصومالية التي يمثلها “منتدى إنقاذ الصومال”، الذي يضم قوى سياسية بارزة حول عدد من القضايا أبرزها الانتخابات والصلاحيات الدستورية.
وفشلت عدة جولات من الحوار بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة في التوصل إلى توافق حول القضايا الخلافية بينهما وأبرزها حزمة التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان مارس/آذار الماضي، والتي تنص على الانتقال من نظام برلماني إلى نظام رئاسي كامل، ومنح الرئيس صلاحية تعيين رئيس الوزراء وإقالته دون موافقة البرلمان، إضافة إلى تحديد فترة رئاسية بخمس سنوات، واعتماد الاقتراع العام بدلاً من نظام التصويت غير المباشر القائم على المحاصصة العشائرية.
وكان تحالف المعارضة الصومالية قد صعّد من انتقاداته للحكومة الصومالية عقب اجتماعه الأخير في مقديشو يومي 30 و31 أغسطس/آب الماضي.
وأكد في بيان رفضه أي تمديد لولاية الرئيس بعد الموعد الدستوري المحدد في 15 مايو/أيار 2026، ودعا إلى إعادة التركيز على مكافحة الإرهاب بدلا من الانغماس في التعديلات الدستورية والنزاعات الانتخابية.
وطالب بإلغاء التعديلات الدستورية، وقال إن قانون الانتخابات والأحزاب واللجنة الانتخابية التي شكلها الرئيس تفتقر إلى الشفافية، ما يهدد العملية الانتخابية المقبلة.
ودخل المشهد السياسي الصومالي مرحلة جديدة مع إعلان رئيس إقليم بونتلاند، سعيد عبد الله ديني، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي خوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 2026.
وينظر مراقبون محليون إلى هذا الإعلان باعتباره دفعة سياسية قوية تضع “ديني” في موقع المنافس البارز على قيادة البلاد، في وقت يتزايد فيه التوتر داخل النظام الفيدرالي ويزداد الغموض بشأن مستقبل العملية السياسية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز